حريق المنار بالجديدة يوقظ بمطلب ثكنات إضافية للوقاية المدنية للإنقاذ العاجل
في لحظة كانت كفيلة بتحويل حي المنار بالجديدة إلى مأساة إنسانية، اندلع حريق مهول داخل منزل سكني بسبب "شارجور"، فجر معها قلقاً عميقاً لدى الساكنة، ليس فقط بسبب الحادث، ولكن بغياب مراكز قريبة للوقاية المدنية.
ولولا التدخل العاجل والحاسم لعناصر القوات المساعدة وأعوان السلطة المحلية التابعين للملحقة الإدارية الخامسة ومتطوعون من الساكنة المجاورة، لكانت الكارثة أكبر بكثير، خاصة أن ألسنة النيران كانت تزداد امتداداً مع مرور الدقائق، في ظل تأخر وصول عناصر الوقاية المدنية، الذين ظلوا رهائن لإكراهات الواقع: شوارع ضيقة، اختناق مروري، وبعد المسافة عن الثكنة الوحيدة المتوفرة بالمدينة.
هذا الحادث لم يكن عادياً في نتائجه، بل كان صادماً في دلالاته، حيث أعاد للواجهة إشكالية افتقار مدينة الجديدة، التي تُعد من المدن ذات الكثافة السكانية العالية، إلى بنية متوازنة لتوزيع وحدات التدخل. فرغم تفاني رجال الوقاية المدنية في أداء مهامهم بكل مهنية، إلا أن تأخرهم في الوصول كان نتيجة حتمية لغياب فروع موزعة داخل الأحياء الكبرى، التي تشهد نمواً عمرانياً متسارعاً.
الواقع أن مدينة الجديدة اليوم، لم تعد تحتمل منطق "ثكنة واحدة لكل المدينة". فساكنة المليون نسمة تقريباً تحتاج إلى نقاط تدخل قريبة، موزعة بشكل استراتيجي، لضمان سرعة الاستجابة وإنقاذ الأرواح قبل فوات الأوان.
حادث المنار يجب ألا يُطوى في أرشيف الحوادث العادية. بل ينبغي أن يكون ناقوس خطر ودعوة مستعجلة لإعادة النظر في سياسة توزيع المرافق الحيوية الخاصة بالإنقاذ والإسعاف، عبر خلق وحدات متنقلة أو دائمة بمحيط الأحياء الكبرى، مع تعزيز التنسيق مع السلطات المحلية والمجتمع المدني الذي برهن على جاهزيته وتحمله للمسؤولية.
لقد أنقذت العناية الإلهية، ويقظة بعض المتدخلين، أرواح سكان ذلك المنزل. لكن ماذا عن الغد؟ وماذا عن أحياء أخرى قد لا تجد من يتدخل بالسرعة المطلوبة؟ إنها أسئلة مؤجلة، لكنها تحمل أوزاناً ثقيلة على كاهل الجهات المعنية.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة